سورة الصافات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


قوله عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعض} يعني أهل الجنة في الجنة {يتساءلون} أي يسأل بعضهم بعضاً عن حاله في الدنيا {قال قائل منهم} أي من أهل الجنة {إني كان لي قرين} أي في الدنيا ينكر البعث قيل كان قرينه شيطاناً وقيل كان من الإنس قيل كانا أخوين وقيل كانا شريكين أحدهما كافر اسمه قطروس والآخر مؤمن اسمه يهوذا وهما اللذان قص الله عز وجل خبرهما في سورة الكهف في قوله: {واضرب لهم مثلاً رجلين} {يقول أئنك لمن المصدقين} أي بالبعث {أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون} أي مجزيون ومحاسبون وهذا استفهام إنكاري {قال} الله تعالى لأهل الجنة {هل أنتم مطلعون} أي إلى النار وقيل يقول المؤمن لإخوانه من أهل الجنة هل أنتم مطلعون أي لننظر كيف منزلة أخي في النار فيقول أهل الجنة أنت أعرف به منا {فاطلع} أي المؤمن قال ابن عباس إن في الجنة كوى ينظر منها أهلها إلى النار {فرآه في سواء الجحيم} أي فرأى قرينه في وسط النار سمي وسط الشيء سواء لاستواء الجوانب منه {قال تالله إن كدت لتردين} أي والله لقد كدت أن تهلكني وقيل تغويني ومن أغوى إنساناً فقد أرداه وأهلكه {ولولا نعمة ربي} أي رحمة ربي وإنعامه علي بالإسلام {لكنت من المحضرين} أي معك في النار {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى} أي في الدنيا {وما نحن بمعذبين} قيل يقول هذا أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت فتقول الملائكة لهم لا فيقولون {إن هذا لهو الفوز العظيم} وإنما يقولونه على جهة التحدث بنعمة الله عليهم في أنهم لا يموتون ولا يعذبون ليفرحوا بدوام النعيم لا على طريق الاستفهام لأنهم قد علموا أنهم ليسوا بميتين ولا معذبين ولكن أعادوا الكلام ليزدادوا سروراً بتكراره وقيل يقوله المؤمن لقرينه على جهة التوبيخ بما كان ينكره قال الله تعالى: {لمثل هذا} أي المنزل والنعيم الذي ذكره في قوله: {أولئك لهم رزق معلوم} {فليعمل العاملون} هذا ترغيب في ثواب الله تعالى وما عنده بطاعته.
قوله تعالى: {أذلك} أي الذي ذكره لأهل الجنة من النعيم {خير نزلاً} أي رزقاً {أم شجرة الزقوم} التي هي نزل أهل النار والزقوم شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم يكره أهل النار على تناولها فهم يتزقمونه على أشد كراهة وقيل هي شجرة تكون بأرض تهامة من أخبث الشجر.


{إنا جعلناها فتنة للظالمين} أي للكافرين وذلك أنهم قالوا كيف تكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر وقال ابن الزبعرى لصناديد قريش إن محمداً يخوفنا بالزقوم والزقوم بلسان بربر الزبد والتمر وقيل هو بلغة أهل اليمن فأدخلهم أبو جهل بيته وقال يا جارية زقمينا فأتتهم بالزبد والتمر فقال أبو جهل تزقموا فهذا ما يوعدكم به محمد فقال الله تعالى: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أي في قعر النار وأغصانها ترتفع إلى دركاتها {طلعها} أي ثمرها سمي طلعاً لطلوعه {كأنه رؤوس الشياطين} قال ابن عباس هم الشياطين بأعيانهم شبهها لقبحهم عند الناس.
فإن قلت قد شبهها بشيء لم يشاهد فكيف وجه التشبيه.
قلت إنه قد استقر في النفوس قبح الشياطين وإن لم يشاهدوا فكأنه قيل إن أقبح الأشياء في الوهم والخيال رؤوس الشياطين فهذه الشجرة تشبهها في قبح المنظر والعرب إذا رأت منظراً قبيحاً قالت كأنه رأس شيطان قال امرؤ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي *** ومسنونة زرق كأنياب أغوال
شبَّه سنان الرمح بأنياب الغول ولم يرها وقيل إن بين مكة واليمن شجرة قبيحة منتنة تسمى رؤوس الشياطين فشبهها بها وقيل أراد بالشياطين الحيات والعرب تسمي الحية القبيحة المنظر شيطاناً {فإنهم لآكلون منها} أي من ثمرها {فمالئون منها البطون} وذلك أنهم يكرهون على أكلها حتى تمتلئ بطونهم {ثم إن لهم عليها لشوباً} أي خلطاً ومزاجاً {من حميم} أي من ماء شديد الحرارة يقال إنهم إذا أكلوا الزقوم وشربوا عليه الحميم شاب الحميم الزقوم في بطونهم فصار شوباً لهم {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} وذلك أنهم يردون إلى الجحيم بعد شراب الحميم {إنهم ألفوا} أي وجدوا {آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون} أي يسرعون وقيل يعملون مثل عملهم {ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين} أي من الأمم الخالية {ولقد أرسلنا فيهم منذرين} أي وأرسلنا فيهم رسلاً منذرين {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} أي الكافرين وكانت عاقبتهم العذاب {إلا عباد الله المخلصين} أي الموحدين نجوا من العذاب والمعنى انظر كيف أهلكنا المنذرين إلا عباد الله المخلصين.


قوله عز وجل: {ولقد نادانا نوح} أي دعا ربه على قومه وقيل دعا ربه أن ينجيه من الغرق {فلنعم المجيبون} نحن أي دعانا فأجبناه وأهلكنا قومه {ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} أي من الغم الذي لحق قومه وهو الغرق {وجعلنا ذريته هم الباقين} يعني أن الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام قال ابن عباس لما خرج نوح من السفينة مات من كان معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءهم عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال: «هم سام وحام ويافث» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب وفي رواية أخرى سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم وقيل سام أبو العرب وفارس والروم وحام أبو السودان ويافث أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك {وتركنا عليه في الآخرين} أي أبقينا له حسناً وذكراً جميلاً فيمن بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة {سلام على نوح في العالمين} أي سلام عليه منا في العالمين وقيل تركنا عليه في الآخرين أن يصلي عليه إلى يوم القيامة {إنا كذلك نجزي المحسنين} أي جزاه الله بإحسانه الثناء الحسن في العالمين {إنه من عبادنا المؤمنين ثم أغرقنا الآخرين} يعني الكفار.
قوله عز وجل: {وإن من شيعته} أي من شيعة نوح {لإبراهيم} يعني أنه على دينه وملته ومنهاجه وسنته {إذ جاء ربه بقلب سليم} أي مخلص من الشرك والشك وقيل من الغل والغش والحقد والحسد يحب للناس ما يحب لنفسه {إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبد ون} استفهام توبيخ {أئفكاً آلهة دون الله تريدون} أي أتأفكون إفكاً وهو أسوأ الكذب وتعبد ون آلهة سوى الله تعالى: {فما ظنكم برب العالمين} يعني إذا لقيتموه وقد عبد تم غيره أنه يصنع بكم {فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم} قال ابن عباس كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا يتعاطون ويتعاملون به لئلا ينكروا عليه وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد عيد ومجمع فكانوا يدخلون على أصنامهم ويقربون لهم القرابين ويضعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم وزعموا التبرك عليه فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه فقالوا لإبراهيم ألا تخرج معنا إلى عيدنا فنظر في النجوم فقال إني سقيم قال ابن عباس أي مطعون وكانوا يفرون من المطعون فراراً عظيماً وقيل مريض وقيل معناه متساقم وهو من معاريض الكلام وقد تقدم الجواب عنه في سورة الأنبياء وقيل إنه خرج معهم إلى عيدهم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال إني سقيم أشتكي رجلي {فتولوا عنه مدبرين} أي إلى عيدهم فدخل إبراهيم عليه الصلاة والسلام على الأصنام فكسرها وهو قوله تعالى: {فراغ} أي مال {إلى آلهتهم} ميلة في خفية {فقال} أي للأصنام استهزاء بها {ألا تأكلون} يعني الطعام الذي بين أيديكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7